يواجه الآباء والأمهات الباحثون عن علاجات لاضطراب طيف التوحد سيلًا من المعلومات، منها ما هو مثبت علميًا ومنها ما هو مجرد ادعاءات. وفي هذا السياق، ظهر اسم دواء ليوكوفورين (Leucovorin)، المعروف أيضًا باسم حمض الفولينيك (Folinic Acid)، كأحد العلاجات البديلة التي أثارت جدلاً واسعًا، خاصة بعد ربطه بشخصيات عامة مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

تهدف هذه المقالة من جلسة تخاطب إلى تقديم نظرة علمية محايدة، تفصل بين الحقائق الطبية والادعاءات الإعلامية، لمساعدة الأسر على اتخاذ قرارات مستنيرة حول صحة أطفالهم.

ما هو دواء ليوكوفورين (حمض الفولينيك) وكيف يرتبط بالتوحد؟

آلية العمل الأصلية

دواء ليوكوفورين ليس علاجًا جديدًا، بل هو شكل مصنّع من فيتامين B9 (حمض الفوليك). يُستخدم بشكل أساسي في الطب التقليدي لـ مواجهة الآثار الجانبية للأدوية الكيميائية مثل الميثوتريكسيت، كما يساعد في علاج بعض أنواع فقر الدم. وظيفته هي دعم مسار التمثيل الغذائي لحمض الفوليك (Folate Pathway) في الجسم.

الصلة بالتوحد (الفرضية)

يرتكز الاهتمام بـ ليوكوفورين للتوحد على فرضية أن بعض المصابين بالتوحد يعانون من ضعف في قدرة أجسادهم على معالجة حمض الفوليك (Folate) واستخدامه بشكل فعال داخل الدماغ. وبما أن الليوكوفورين هو شكل نشط جاهز للاستخدام، يُعتقد أنه قد يساعد في تجاوز هذا العائق وتحسين الوظائف العصبية، خاصة فيما يتعلق بمهارات التخاطب واللغة.

ترامب وليوكوفورين: القصة وراء الجدل والانتشار

جاء الانتشار الواسع لبروتوكولات ليوكوفورين كعلاج للتوحد بشكل كبير من مصادر غير طبية، لاسيما بعدما قام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالحديث عن هذا الدواء. القصة تعود إلى أواخر التسعينيات عندما قام دكتور مقرب من ترامب بالترويج لعلاجات بديلة لمرض التوحد، من بينها الليوكوفورين، مدعياً أنها تحسن الأعراض السلوكية واللغوية.

تأثير الترويج غير العلمي

لقد أدى هذا النوع من الترويج، القائم على شهادات فردية بدلاً من الدراسات واسعة النطاق، إلى إعطاء الأمل لآلاف الأسر في العالم العربي وخارجه. ومع ذلك، يجب التنويه بأن أي علاج يتم الترويج له من مصادر غير طبية رسمية يفتقر إلى المراجعة النقدية والتدقيق الذي يخضع له الطب المسند بالأدلة.

التقييم العلمي: هل ليوكوفورين علاج فعال للتوحد؟

حتى تاريخ كتابة هذه المقالة، تظل الأدلة العلمية التي تدعم استخدام حمض الفولينيك (ليوكوفورين) كعلاج روتيني وشامل لاضطراب طيف التوحد محدودة وغير قاطعة.

  • النتائج الإيجابية (الجزئية): بعض الدراسات الصغيرة أشارت إلى تحسن في بعض الأعراض السلوكية واللغوية لدى مجموعة فرعية من الأطفال الذين لديهم طفرات جينية محددة تؤثر على مسار الفولات.
  • التجارب الكبرى: التجارب السريرية الكبيرة والمحكمة المطلوبة لاعتماد الدواء لم تثبت فعالية الليوكوفورين على نطاق واسع لجميع أطفال التوحد.
  • الأمان: يعتبر الدواء آمناً بشكل عام، لكنه يبقى دواءً ويجب استخدامه تحت إشراف طبي دقيق وتوجيهات الطبيب المعالج.

رسالة جلسة تخاطب: العلاج السلوكي هو الأساس

تحذير هام:

لا يجب أبدًا البدء بأي بروتوكول دوائي، بما في ذلك ليوكوفورين، دون إجراء فحوصات طبية شاملة وتوصية مباشرة من طبيب متخصص في اضطرابات النمو أو الأعصاب. إن استخدام العلاجات غير المثبتة يشتت الانتباه عن التدخلات الأساسية.

بالنسبة لأي طفل يعاني من التوحد، فإن الأساس الثابت للتحسن لا يزال يكمن في التدخلات السلوكية والتربوية المكثفة. هذه التدخلات تركز على تطوير مهارات التواصل، والمهارات الاجتماعية، والمهارات المعرفية، وهي المجالات التي يختص بها أخصائي التخاطب والتربية الخاصة.

نحن في جلسة تخاطب نوصي بالتركيز على برامج التدخل المبكر المثبتة، مثل دليل سن رايز للتوحد أو تحليل السلوك التطبيقي أو برنامج اللوفاس ،والتي أثبتت فعاليتها في تحسين نتائج الأطفال المصابين بالتوحد بشكل ملموس ومستدام.